-A +A
طارق على فدعق
بعض الأخبار «ملغمة» بالمعاني الخطيرة جدا. قد تبدو وكأنها بسيطة، ولكنها تحتوي على العديد من الخبايا. والخبر المعني هنا هو قـرار سلطات الاحتلال الإسرائيلية ببناء مطار دولي جديد في مدينة «إيـلات» باسم مطار «رامون» الدولي. وسيصبح هذا المطار ثاني ميناء دولي بعد مطار «بن جوريون» الدولي في تـل أبيب.. ولنبدأ بالأسماء: «بن جوريون» هو أول رئيس وزراء إسرائيلي، و «تـل أبيب» أي «تـل الربـيـع» هي ثاني أكبر مدينة في فلسطين المحتلة. وهي في الواقـع قريتا « يافا » و «الشيخ مؤنس» الفلسطينيتان، وبالرغم أن مساحة تلك المدينة تعادل حوالى نصف مساحة أرض مطار جدة، إلا أنها تحتوي على أكبر مطار في الأراضي الفلسطينية. وأما «رامون» فهو يرمـز إلى أول رائد فضاء إسرائيلي، وقد قتل في كارثة مركبة الفضاء المكوك «كولومبيا» أثناء عودتها إلى الأرض بنهاية رحلتها رقم اس تي اس 107 في مطلع فبرايـر 2003. وبعد وفاة «ألون رامون»، توفي ابنه «عساف رامون» أيضا في حادثة تدريـب طائرة حربية على متن مقاتلة من طراز اف 16 عام 2009. واسم المطار تخليد لذكراهما. ويتوقع أن يكلف هذا الميناء الجوي أكثر مما يعادل ألفي مليون ريال، ولكن المتوقع أنه سيضيف إضافات كبرى إلى الحركة السياحية والاقتصادية لجنوب فلسطين المحتلة، كما أنه سيفتح بوابة دولية جديدة للحركة الجوية لأن المطار الدولي الأساس الذي يخدم فلسطين المحتلة حاليا هو مطار «بن جوريون».
وعدد المطارات في فلسطين الآن يقدر بحوالى ثلاثة عشر، وبعضها غير عاملة كمطار «عطاروت» ضمن إقليم بيت المقدس. وأما معظمها فهي صغيرة ومحلية، باستثناء تـل أبيب المذكور أعلاه. وتنتشر أيضا مهابط الطائرات. وأما القواعد الجوية الأساسية فهي «بير شيبا»، و «تـل نوف»، و «ميجيدو»، و «هاتـزور» ، و «بالماخيم»، و «أم الرشراش» التي أطلقوا عليها اسم (إيلات).

وأما عدد الموانئ البحرية الأساسية في فلسطين فهي: «حيفا»، و «أشدود» وكلاهما يطلان على البحر الأبيض المتوسط، و «أم الرشراش» وهي الميناء الوحيد على البحر الأحمر.
الشاهد أن كل هذا في واد وموضوع مدينة «إيلات» في واد آخر .. تقع هذه المدينة الساحلية في أقصى جنوب الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهي أكبر ميناء على البحر الأحمر، وفي الواقع فيمكنك رؤيتها بالعين المجردة من مدينة «حقل» في شمال المملكة. ولهذه المدينة أهمية استراتيجية كبرى فهي المانع الأساس لتطويق الدول العربية للكيان الصهيوني من الجنوب، ولاستكمال الحزام البري حول الكيان. وتحديدا فهي «مسمار جحا» في جنوب فلسطين المحتلة. أطلقوا على المدينة العربية اسم «إيـلات» العبري التاريخي المزعوم لترسيخ مفهوم اختلاق الدولة التوراتية.. ولكن هناك مشكلة فهذه في الأساس قريـة مصرية وهي «أم الرشراش» نسبة إلى القبائل التي كانت تسكنها. وقد جرت مجموعة من المباحثات حول الموضوع وللأسف إن الجهات المسؤولة لم تخرج بنتائج مشرفة لتثبيت حيال حقوق الإنسان، الأرض، والتاريخ. اختلفت الآراء فقال البعض إنها فلسطينية، وقال البعض الآخر إنها مصرية. وأما الكيان الصهيوني فقال في حالة أنها فلسطينية فلتبقى عندنا، وأما إذا كانت مصرية فبرضه ستبقى عندنا. والذي لا يعجبه هذا الحل، فليفعل ما يشاء.
أمـنـيــــة
سأختـتـم بالقول إن مطار «أم الرشراش» سيفتح آفاقا جديدة للعمليات الجوية العسكرية ضد الدول العربية وخصوصا أن سلاح الطيران الإسرائيلي يبحث في تحديث أسطول الصهاريج الجوية من طراز «كي سي 135» القديمة والتي تمنح الطائرات الحربية المزيد من المدى للعمليات العسكرية. ووجود المطار الدولي الإضافي قد يفتح المزيد من الآفاق لإلحاق الضـرر بالعرب سواء بالتجسس، أو التخريب، أو الضرب المباشر. وهم ضد المسلمين والعرب دائما.. أتمنى أن نرفع من درجة وعينا لمعرفة ماضينا، والتفاعل مع حاضرنا، والاستعداد لمستقبلنا. والله ينور بصيرتنا.
وهو من وراء القصد.